بمناسبة اليوم العالمي للمرأة 8 مارس سيدتي: “العيطة عليك”

الوطنية بريس – الدكتور عبد الواحد شعیر
اخترنا هذا العنوان الساخر، ونعتذر للقارئ اللبيب على ذلك، نظرا لأن الحديث كثر في الآونة الأخيرة عن شقيقة الرجال في الحقوق والواجبات.
فمنذ أن نشر هنتنغتون([1]) مقالته حول صدام الحضارات حيث بين بأن الإصطدامات العسكرية المستقبلية ستحدث على طول الشريط الواقع بين المناطق الحضارية وخاصة بين الحضارتين الغربية والإسلامية وآفاق الحوار تنسد في مقابل انفتاح غير متوازن بين الحضارتين: إغراق المجتمعات العربية الإسلامية بقيم الحضارة الغربية والعمل، في مقابل ذلك، على إخفاء الخصوصيات، وذلك ضمن الشروط غير المعلنة لإدماج أو تأهيل دول الجنوب لدخول عهد العولمة… ومنذ أن ظهر سوء الفهم المقصود صار من اللازم إجراء الحوار الحضاري عوض أن تلفق القيم الحضارية الغربية باسم حقوق الإنسان. للمجتمعات الإسلامية جائرة تضع أفقا مسدودا أمام إمكانية الحوار.
أما عن مسألة حقوق الإنسان فقد صارت معيارا حسب التصور الغربي، لمدى دخول الحداثة، لذلك تعالت النداءات بضرورة تكييف كل العلاقات مع المنظور الحقوقي العالمي.
ومهما تعالت نداءات، هذه المرة، تكون بمثابة أصداء لما يحدث بالخارج نحو المناداة بتعديل مدونة الأحوال الشخصية المغربية بإخضاعها للتصور الحقوقي الإنساني المجرد عن الجنس والدين، ولآن هناك أصوات تنادي بتعديل مدونة الأسرة وحتى القانون الجنائي، فإن ما بات يخفى هو عدم غياب الوعي بمصداقية النية أو النيات التي صدر عنها.
ومن الملاحظ أنه تبعا لما لاحظناه من خلال البحث الذي نحن بصدده هو أن المسألة لا تنحصر في مجرد تعارض يمكن رفعه بل باختلاف قائم ينبغي مراعاة فروقاته وإبقائها في حدودها حتى تحفظ لكل كيان ثقافي وحضاري إمكانية استمرار وإغناء التجربة الإنسانية بالتنوع الخصب. دون المساس بالثوابت، وهذا من شأنه أن ينقلنا من الصراع الحضاري إلى الحوار الحضاري والتكامل الإنساني.
سيدتي، الدق تم:
قبل سنوات مضت دخلت إلى بيوتنا دون إستئدان قناة 2M ببرنامج “المدام مسافرة” وملخص الحلقة أن “الزوجة” تسافر وتترك “الزوج” والأولاد في البيت، يقوم الزوج بأشغال البيت في حين الزوجة تتسكح في فنادق خمسة نجوم، بحجة قلب الأدوار؛ وحرية المرأة، علقت أنذاك عبر مقالة عنونتها ليست المدام هي المسافرة، بل الرجولة سافرت إلى غير رجعة يا بنت الناس، هذا سحر والسحر يزول، هذا بريق والبريق لن يدوم، إن سحروك فلأنهم أرادوا أن يسلبوك قوتك وكينونتك، أرادوا أن يسلبوك عفتك أرادوا أن يلبسوك نظارات صيفية تلبسينها فقط حين تعودين لأصالتك لأهلك ولعروبتك، أرادوا خداعك بأنهم يرون المستقبل وأهلك بل وحتى زوجك لا يتعدى نظرهم أنوفهم.
هم يرون المستقبل ! أقصد الغرب، نحن نرى مستقبلا أبعد منهم. نرى الحب، هل فكروا يوما في ذلك؟ هل فكروا ماذا سيفعلون بعد ذلك؟ هل أغروك – يا بنت الناس بعلومهم فقد سبقناها إليهم إلا أن هناك فرق أن علومنا كانت خيرا للعالم أجمع وهم ماذا، أنجزوا قنابل يقتلون بها أبناء جلدتك، أدوية يسمون بها أجسادنا، فيروسات يحاربوننا بها.
حرية المرأة في عيد المرأة عندهم
عن أي حرية نتكلم؟ أتعلمين سيدتي أنه في سنة 568م في فرنسا. أنعقد مؤتمر، للبحث هل تعد المرأة إنسانا أم غير إنسان؟ وأخيرا قرروا: إنها إنسان خلقت لخدمة الرجل فحسب !
والقانون الإنجليزي حتى عام 1805م كان يبيح للرجل أن يبيع زوجته بستة بنسات فقط، حتى الثورة الفرنسية التي أعلنت تحرير الإنسان من العبودية والمهانة لم تشمل المرأة، والقاصرون في عرفها: الصبي والمجنون والمرأة، واستمر ذلك حتى سنة 1938. حيث عدلت هذه النصوص لصالح المرأة.
القديس توما الإكويني ذهب إلى أبعد من ذلك إذ صنف المرأة بعد العبيد.
حرية المرأة في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام
صورة المرأة الحقيقية للإسلام ممكن أن تُقرأ واضحة في كتب السِّيَر والتاريخ الإسلامي التي ذكرت المرأة في عهد الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام كيان مستقل عن الرجل تطالب بحقها الذي أعطاها إياه الإسلام بكل جرأة – ولكن دون تطاول، دون سب أو قذف – فها هي تقف في وجه عمر بن الخطاب رضي الله عنه تطالب بحقها في صلاة الجماعة في المسجد كما فعلت عاتكة بن زيد ، وها هي تمارس حقها بإدارة أموالها بمعزل عن زوجها كما فعلت ميمونة أم المؤمنين بجاريتها دون علم رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكما فعلت أم سليم بنت ملحان التي أهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرسه هدية باسمها لا باسم زوجها.
وضعية المرأة الآن
أين نحن الآن؟ من ميمونة أم المؤمنين، من أم سلمة بنت ملحان؟ من عاتكة بن زايد، أين نحن من حويدة، أو حادة، زروالة أو خربوشة، التي تحدت القايد عيسى بن عمر؟
خربوشة شاعرة الثورة حين غنت:
واخيتي أليام أيام القهرة والظلام.
فينك أعويسة فين الشان ومرشان …
أين نحن الآن؟ من كوثر حفيظي العالمة العربية المغربية زعمية مختبر “أرغون” الأميريكي ساهمت في تطوير مشاريع المختبر وحازت على عدة جوائز في الفزياء. وفاطمة الفهرية، زينب النفزاوية، حفصة الراكونية وغيرهن ….
فالإعلام العربي لا يسلط الضوء إلا على السفاهة: الروتين اليومي مهزلة يقبل عليها ويا للأسف المشاهدين لمشاهدة المنطقة الحساسة الأمامية والخلفية مهزلة بكل المقاييس. أتساءل بكل عفوية أين بعولتهن؟
الغرب الآن
يعيش الغرب حالة من التفكك الأسري التي لا يمكن أن تتصور، وتعود هذه الظاهرة إلى إطلاق العنان لشهوات الرجل والمرأة على حد سواء.
ففي استفتاء أجري في بريطانيا … تبين أن نصف البريطانيات المتزوجات قمن بعلاقات مع الرجل خارج الحياة الزوجية وغالبيتهن كشفن أنهن غير نادمات على ذلك، ولكنهن لا يجدن في العلاقة الجنسية مع غير الزوج خيانة بل هي حرية.
إن سبب ازدياد نسبة الطلاق (أن كل من امرأتين متزوجتين واحدة مطلقة) في تلك المجتمعات هو كثرة مشاكل الأسرة التي تجمعها مشكلة واحدة هي تحرر المرأة من القيم الأخلاقية بدعوى الحرية. ويحصل الطلاق بسبب إهمال الزوجة حقوق زوجها، لأنها لا تجد الوقت الكافي لذلك أو عدم اعتقادها بهذه الحقوق عليها.
والنتيجة يا سيدتي: أطفال بين الضياع والقسوة.
هل تعلمين يا بنت الناس أنه حسب الإحصاءات التي أجريت على حقائب طالبات المدارس في بريطانيا: 80% منهن يحملن معهن الأقراص المانعة للحمل، هل تعلمين يا صاحبة الروتين اليومي أنه من بين 10 طالبات هناك 8 منهن يمارسن العمل الجنسي بشكل غير شرعي داخل أو خارج المدرسة.
هذا سيدتي هو حال التلميذات في المدارس فما هو حال الطالبات في الجامعات؟.
- في أمريكا يولد سنويا مليون طفل من السفاح (الزنا)؛
- 12 مليون طفل مشرد في ظروف غير صحية؛
- 66% من النساء اعترفن – حسب استطلاع أجري في لندن – أنهن لسن أمهات جيدات لعدة أسباب:
- غياب الوقت الكافي للجلوس مع العائلة؛
- الأنانية؛
- فقدان الوقت لبحث قضايا مهمة مع الأزواج([2]).
لقد تعالت صيحات منظمات حقوقية وأسرية في بريطانيا للعودة للأخلاق والآداب بعد أن زادت نسبة الأطفال غير الشرعية، وفي المقابل نجد المنظمات النسائية في البلدان العربية تنادي “بتحرير المرأة”، وتحدي سلطة الزوج !
فخ اسمه الحرية([3]).
تؤكد نتائج البحوث التي أجراها علماء غربيون على مجتمعاتهم، أن المرأة الغربية أكثر ذلا واضطهادا وأقل سعادة ومكانة اجتماعية من المرأة في بعض الدول العربية والإسلامية، وتبين أن حرية المرأة هناك هي حرية وهمية غير حقيقية وأن ما يسمونه بحرية المرأة ما هو إلا تسيب وانحلال خلقي لم يؤدي إلا إلى الفساد الاجتماعي وإلى بؤس وتعاسة المرأة.
هل تعلمين سيدتي؟ أنه توجد مكاتب بيع وشراء النساء في الدول الغربية بشكل واسع حتى لأصبحت تمثل موردا ماليا مهما للكثير من الجهات، حيث تقوم شبكات المافيا الدولية بخداع المرأة في الدول الفقيرة في أوروبا الشرقية وإفريقيا وأمريكا اللاتينية وجلبهن للعمل في أوروبا وأمريكا لإشغالهن في بيوت الدعارة وترويج المخدرات الصلبة([4]). إن النظرة المادية للأشياء عند الغربيين واعتقادهم أن لكل شيء قيمة نقدية محددة جعلهم يؤمنون أن للمرأة ثمن محدد يمكن لمن يمتلكه أن يشتري أو يستأجر أي امرأة !
هل هذا ما تريدينه؟
ماذا عن المساكنة؟ Le concubinage
يبحث الناس هذه الأيام في القانون والاجتهادات القضائية عن مصل يدوسون بخطى ثابتة على الأخلاق والقيم والمبادئ ثم ينتظرون بركة من بركات نصوص القانون كي تعيد الواقع إلى وضعه الطبيعي.
ما هو قاعدة أخلاقية وجب أن يصير قاعدة قانونية، وليس أن تقدم العربة على الحصان.
ليس القانون مصلا لدواء أمراض ناشئة عن تدني مستوى الأخلاق، القانون يجب أن يكون سيف يبتر ما هو واجب البتر، ويصلح ما هو واجب الإصلاح، ومن بين المجالات التي لا يقوي القانون على ممارسة دورها كل ما له مجال بالأخلاق، هذه سجايا يكتسبها الإنسان بالتربية الحسنة وبالميزان السوي([5]).
مصطلحات جديدة
إن التحولات التي طرأت على المصطلحات المستعملة في النصوص نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
- “العمل الجنسي” و”الأعمال الجنسية” يحلان محل الدعارة؛
- يصبح القوادون أو أصحاب دور الدعارة “وسطاء” أو “منظمين” “للبغاء” أو مالكي المقرات”، ومدراء أعمال الصناعة الجنسية؛
- وتصبح العاهرات “عاملات جنس” أو “محترفات جنس”؛
- أما الزبناء الذين أصبحوا مستهلكين للدعارة فإنهم بدون أسماء لحد الآن….
وتعود هذه الأطاريح إلى التحليل القائل بضرورة اعتبار الدعارة نشاطا اقتصاديا مثل الأنشطة الأخرى، والقول بأن المساكنة ليست زنا ما دام ليس هناك إكراه ولو بدون عقد شرعي.
مناسبة هذا الكلام الحكم الذي صدر مؤخرا في مدينة زاكورة: محكمة تبرئ عشيقين لا يتوفران على عقد زواج من تهمة الفساد ! قرار مفاجئ في المغرب ونحن نعلم أن المادة 490 من ق ج واضحة: “كل علاقة جنسية بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة الزوجية تكون جريمة الفساد ويُعاقب عليها بالحبس من شهر واحد إلى سنة “.
هل معنى هذا ترك الحرية للأفراد لممارسة حياتهم الجنسية كما يشاؤون، وبدون مضايقة وسواء كانوا متزوجين أو غير متزوجين، والغريب أن الحياة البهائمية التي تنادي بها الفلسفة القائمة على هذا الاتجاه وجدت بها صدى بكيفية صريحة في توصيات المؤتمر الدولي التاسع عشر المنعقد في لاهاي سنة 1964 والذي انتهى إلى توصيتين:
- الأولى تقول بضرورة اعتبار العلاقات الزوجية بين البالغين اللذين ليسوا متزوجين غير مشكلة لأية جريمة، أي مباحة، وهذا قد يؤدي إلى استبعاد جريمة الزنا؛
- الثانية تقول بإباحة السلوك الجنسي الشاد – أي المثلي – إذا كان بين بالغين.
بمعنى تقديس الحرية الفردية إلى أقصى الحدود من الناحية النظرية، فهو من الناحية الوضعية والإنسانية إقرار صريح للهمجية والرذيلة، وتشجيع على إذلال الإنسان والقضاء على كرامته([6]).
لا نريد أن نتدخل في عمل القضاء، حتى نطلع على حيثيات الحكم والأسباب التي اعتمد عليها القاضي.
ومن بين الشعارات التي أصبحنا نسمعها:
- تنادي بالإفطار جهرا في شهر رمضان؛
- تنادي بالحرية الجنسية؛ ….
- العلاقة الجنسية خارج الزواج حملة تشن في المغرب لإزالة الفصل 490 من القانون الجنائي.
- المناداة بإلغاء الفصل 222 من القانون الجنائي الذي يعاقب على الإفطار جهرا في شهر رمضان.
ألا يعتبر ذلك زعزعة عقيدة مسلم، حين تقول علنا إحدى “الناشطات في جمعية مالي.
أنا لا دينية ولا أؤمن بوجود الله ! ([7])
زمن التفاهة([8])
لقد خسرنا قيمنا، أخلاقنا، خسرنا ديننا، بسبب بعض الجمعيات، أغاني هابطة، فصار انحطاط أكثر. أغاني سوقية ….
أليس الأبراج هي أكثر مبيعا؟ أليس القصص الخرافية أكثر رواجا؟
أليس نحن السبب في صناعة التفاهة؟
[1] – صموليل هنقتون جامعة هارفار. كتاب صدام الحظارات قصة الفكر السياسي الغربي ص 46.
[2] – مجلة النبأ بيروت، العدد 17 و18 رجب وشعبان 1418هـ.
[3] – أحمد عزيز
[4] – تقرير جامعة Johns Hopkin Moryland محطة CNN
[5] – ابو عبير كلمة المستشار القانون قيل للأخلاق أحيانا العلم العدد 17.72. 26/11/1998 الصفحة 7.
[6] – عبد الواحد العلمي القانون الجنائي المغربي ص 178.
[7] – سلطانة.ma
[8] – كتاب رحلة الدجال الناعمة – وكتاب نظام التفاهة الآن دونو.